روائع مختارة | روضة الدعاة | الدعاة.. أئمة وأعلام | أســـامة بن زيــد...

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > الدعاة.. أئمة وأعلام > أســـامة بن زيــد...


  أســـامة بن زيــد...
     عدد مرات المشاهدة: 3521        عدد مرات الإرسال: 0

* الحِــبّ بن الحِـــبّ.

هو الصحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنه، وهو ابن مسلميْن كريميْن من أوائل السابقين إلى الإسلام، فأبوه حِبُّ النبي زيد بن حارثة، وأمه السيدة أم أيمن حاضنة رسول الله ومربيته.

كان شديد السواد، خفيف الروح، شجاعًا، رباه النبي وأحبه حبًّا كثيرًا، كما كان يحب أباه فسمي الحِبّ بن الحبّ، وكان النبي يأخذه هو والحسن ويقول: «اللهم أحبهما فإني أُحِبُّهما».

¤ تربيتـــه:

ولد في العام السادس من بعثة النبي، فنشأ وتربى رضي الله عنه في أحضان الإسلام، ولم تنل منه الجاهلية بوثنيتها ورجسها شيئًا، وكان رضي الله عنه قريبًا جدًّا من بيت النبوة، وملازمًا دائمًا للنبي صلى الله عليه وسلم، ففي مسند الإمام أحمد عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: كنت رديف رسول الله -أي كان يركب خلفه- بعرفات، فرفع يديه يدعو، فمالت به ناقته فسقط خطامها، قال: فتناول الخطام بإحدى يديه، وهو رافع يده الأخرى، ومن ثَمَّ كان تأثره شديدًا برسول الله، وكان النبي يحبه حبًّا شديدًا، ويأمر بحبِه، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: لا ينبغي لأحد أن يبغض أسامة بعد ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان يحب الله ورسوله فليحب أسامة»، وقد زوّجه النبي وهو ابن خمس عشرة سنة.

¤ مـواقف مع الرسول:

تربى الصحابي الجليل على يد رسول الله، وتعلم منه الكثير، وذات يوم تلقى أسامة من رسول الله درسًا لا ينساه أبدًا، يقول أسامة: بعثنا رسول الله إلى الحرقة، فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكف الأنصاري فطعنته برمح حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي، فقال: يا أسامة أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟ قلت كان متعوذًا، فما زال يكررها الرسول، حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم، ثم قال أسامة للرسول: إني أعُطى الله عهدًا، ألا أقتل رجلا يقول: لا إله إلا الله أبدًا، فقال النبي «بعدى يا أسامة؟» قال: بعدك، متفق عليه.

ومن المواقف الأخرى التي تعلم فيها أسامة المزيد من خير الأنام، تلك القصة التي يرويها البخاري بسنده عن عروة بن الزبير رضي الله عنهما أن امرأة سرقت في عهد رسول الله في غزوة الفتح، ففزع قومها إلى أسامة بن زيد رضي الله عنه يستشفعونه، قال عروة: فلما كلمه أسامة رضي الله عنه فيها، تلوّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أتكلمني في حد من حدود الله؟!» قال أسامة رضي الله عنه: إستغفر لي يا رسول الله، فلما كان العشي قام رسول الله خطيبًا، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: «أما بعد، فإنما أهلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة فقطعت يدها، فحسنت توبتها بعد ذلك وتزوجت، قالت عائشة: فكانت تأتي بعد ذلك، فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

¤ بيئـــة مجاهــدة:

كذلك أثرت نشأة أسامة في أسرة مؤمنة مجاهدة، في تكوين شخصيته، فأمه أم أيمن رضي الله عنها هي حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي إحدى المؤمنات المجاهدات، اللاتي شاركن في المعارك الإسلامية مع رسول الله، فقد شهدت أُحدًا، وكانت تسقي المسلمين، وتداوي الجَرْحَى، وشهدت غزوة خيبر، وقد روت أم أيمن رضي الله عنها بعضًا من أحاديث رسول الله. قال ابن حجر في الإصابة: كان النبي يقول عنها: «هذه بقية أهل بيتي»، هذه المرأة المؤمنة التقية الورعة المجاهدة، كانت أحد المحاضن التربوية، التي تخرَّج فيها أسامة بن زيد رضي الله عنه.

وقد إستشهد زيد بن حارثة رضي الله عنه، زوج أم أيمن ووالد أسامة في مُؤْتة، وإستشهد أيمن إبنها وأخو أسامة من أمه في حُنين، ففي هذه الأسرة المؤمنة المجاهدة نشأ هذا القائد الفارس الفذّ، وتربى على معاني الجهاد والدفاع عن الإسلام، مما جعل رسول الله يوليه إمارة الجيش الإسلامي، وهو في الثامنة عشرة من عمره، وفي الجيش كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار، وأصحاب السبق في الإسلام.

تولى أسامة -على صغر سنِّه- قيادة جيش المسلمين المتوجه لغزو الروم في الشام، وقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «يا أسامة، سر على إسم الله وبركته حتى تنتهي إلى مقتل أبيك، فأوطئهم الخيل، فقد وليتك على هذا الجيش، فأغر صباحًا على أهل أُبْنَى وحرق عليهم، وأسرع السير تسبق الخبر، فإن أظفرك الله فأقلل اللبث فيهم، وخذ معك الأدلاء، وقدم العيون أمامك والطلائع»، ثم عقد الرسول لأسامة اللواء، ثم قال: «امض على اسم الله»، وقد إعترض بعض الصحابة على إستعمال هذا الغلام على المهاجرين الأولين، ولما علم رسول الله بذلك، غضب غضبًا شديدًا، فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «أما بعد، يا أيها الناس، فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة بن زيد؟ والله لئن طعنتم في إمارتي أسامة، لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله، وأيم الله إن كان للإمارة لخليقًا، وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إليَّ، وإن هذا لمن أحب الناس إليَّ، وإنهما لمخيلان لكل خير، فإستوصوا به خيرًا، فإنه من خياركم».

وقبل الخروج مع أسامة، جاء المسلمون يودعون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بإنفاذ بعث أسامة رضي الله عنه، وركب أسامة إلى معسكره وصاح في الناس أصحابه باللحوق بالعسكر، فإنتهى إلى معسكره ونزل وأمر الناس بالرحيل وقد مَتَعَ النهار، فبينما أسامة يريد أن يركب من الجُرْف أتاه رسول أم أيمن -وهي أمه- تخبره أن رسول الله يموت، فأقبل أسامة إلى المدينة معه عمر وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما فإنتهوا إلى رسول الله وهو يموت، فتُوفِّي رسول الله حين زاغت الشمس يوم الاثنين، لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول، ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجُرْف المدينة.

¤ الــــــردة:

وبعد وفاة النبي بويع لأبي بكر رضي الله عنه، وقد ارتدَّ من العرب من إرتد عن الإسلام، دخل على أبي بكر كبارُ الصحابة، فقالوا: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن العرب قد إنتقضت عليك من كل جانب، وإنك لا تصنع بتفريق هذا الجيش المنتشر شيئًا، إجعلهم عُدَّة لأهل الردة ترمي بهم في نحورهم، وأخرى لا نأمن على أهل المدينة، أن يغار عليها وفيها الذراري والنساء، فلو استأنيت لغزو الروم حتى يضرب الإسلام بِجِرَانِه، وتعود الردة إلى ما خرجوا منه أو يفنيهم السيف، ثم تبعث أسامة، حينئذٍ فنحن نأمن الروم أن تزحف إلينا، ولكن الصديق رضي الله عنه أصر على إنفاذ بعث أسامة قائلاً: «والذي نفسي بيده، لو ظننت أن السباع تأكلني بالمدينة لأنفذت هذا البعث».

وبالفعل خرج جيش أسامة، وإستطاع هذا الجيش أن يقوم بمهمته على خير وجه، ويعود ظافرًا إلى المدينة، وظهرت موهبة أسامة الفذة في قيادة الجيش، وأثبت أنه كان -على صغر سنِّه- جديرًا بهذه القيادة.

¤ أثــر جيش أســـامة:

كان لجيش أسامة أثر كبير في تثبيت وتوطيد دعائم الدولة الإسلامية، بعد وفاة النبي وإرتداد الكثير من القبائل، وكان من شأنه أن ألقى الفزع والهلع في قلوب القبائل العربية، التي مرَّ عليها في شمال الجزيرة العربية، وكانوا يقولون: لو لم يكن للمسلمين قوة تحمي المدينة وما حولها، ما بعثوا جيشًا إلى هذه المسافات البعيدة، وقد وصل جيش أسامة إلى تخوم الروم، ومن أجل ذلك كانت حركة الردة في تلك المناطق، أضعف منها بكثير من غيرها من المناطق الأخرى.

¤ وفاتــــــه:

إعتزل أسامة بن زيد رضي الله عنه الفتن، بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، إلى أن مات في أواخر خلافة معاوية رضي الله عنه، وكان قد سكن المِزّة غرب دمشق، ثم رجع فسكن وادي القرى، ثم نزل إلى المدينة فمات بها بالجُرْف.

المصدر: موقع رسالة الإسلام.